Published 2022-06-28
How to Cite
Copyright (c) 2022 Al-Shafi'i | International Journal of Islamic Contemporary Studies
This work is licensed under a Creative Commons Attribution 4.0 International License.
Copyright NoticeAbstract
ثَمَّةَ قَاعِدَةٌ فِقْهِيَّةٌ: الحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ؛ وَبِالتَّالِيْ فَإِنَّ الفِقْهَ الحَقَّ هُوَ الَّذِيْ يَكْتَسِبُ أَحَقِّيَّتَهُ مِنْ اِحْتِكَاكِهِ بِوَاقِعِ الحَيَاةِ وَوَاقِعِ النَّاسِ، وَإِنَّ اسْتِبْعَادَ الوَاقِعِ مِنْ أَيِّةِ دِرَاسَةٍ فِقْهِيَّةٍ حَضَارِيَّةٍ، وَالِاقْتِصَارَ عَلَى الدَّلَالَةِ الحَرْفِيَّةِ لِلنَّصِّ؛ سَيُفْضِيْ إِلَى اِلْتِبَاسٍ تَارِيْخِيٍّ بَيْنَ مَا هُوَ أَصْلٌ وَعَامٌ، وَمَا هُوَ فَرْعٌ وَخَاصٌّ وَخَاضِعٌ لِلِاشْتِرَاطَاِت الظَّرْفِيَّةِ. وَتَتَمَثَّلُ الإِشْكَالِيَّةُ الفِقْهِيَّةُ وَالثَّقَافِيَّةُ فِي: أَنَّ عَدَمَ اِسْتِحْضَارِ الفَقِيْهِ لِلْوَاقِعِ فِي نَسَقِهِ الزَّمَانِي وَالمَكَانِي؛ لاَ يَمْنَحُهُ أَبْعِاداً أَعْمَقَ فِي تَحْقِيْقِ المَوْقِفِ الفِقْهِي. وَأَنَّ عَدَمَ التَّدَبُّرِ فِي مُعْطَيَاتِ الوَاقِعِ لاَ يُعِيْنُ الفَقِيْهَ عَلىَ الخُرُوْجِ السِّيَاسِي وَالِاجْتِمَاعِي وَالاِقْتِصَادِي؛ مِمِّا لَايَمْنَحُهُ قُدْرَةً وَمُرُوْنَةً أَكْبَرَ فِي لَمَّ التَّحَدِّيَّاتِ المُعَاصِرَةِ. وَيَتَطَرَّقُ هَذَا البَحْثُ نَحْوَ صِنَاعَةٍ ثَقَافِيَّةٍ حَضَارِيَّةٍ لِلرُّؤْيَةِ العِلْمِيَّةِ وَالمَنْهَجِيَّةِ العَمَلِيَّةِ فِي عَالَمٍ مُتَغَيِّر لِتَغْزِيْزِ ثَوَابِتِ التَّرَاحُمِ وَالتَّلاَحُمِ المُجْتَمَعِي فيِ فَهْمٍ عَمِيْقٍ لِفِقْهِ الوَاِقِع إِزَاءَ المُتَغَيِّرَاتِ. وَمَنْهَجُ البَحْث هُوَ مَنْهَجٌ وَصْفِيٌّ وَاسْتِنْبَاطِيٌّ، وَيَهْدِفُ البَحْثُ إِلَى دِرَاسَةِ وَمَعْرِفَةِ جُمْلَةٍ مِنَ المُرْتَكَزَاتِ الثَّقَافِيَّةِ وَالحَضَارِيَّةِ بِالمُنْطَلَقَاتِ التَّأْصِيْلِيَّةِ، والمُقَوِّمَاتِ المَنْهَجِيَّةِ لتَرْسِيْخِ ثَقَافَةِ الرَّحْمَةِ لِلْعَاَلمِيْنَ مِنْ خِلَالِ: التَّرَاحُمِ النَّبَوِيِّ النَّمُوْذَجِيِّ .. المَلَامِحِ وَالدَّلاَلاَتِ. ويَخْلُصُ البَحْثُ إِلَى النَّتَائِجِ التَّالِيَهةِ: إنَّ التَّرَاحُمِ لَمْ يَكُنْ مَفْهُوْمًا بِقَدْرِ مَا كَانَ مَبْدَأً؛ تَكَفَّلَتْ السِّيْرَةُ النَّبَوِيَّةُ العَطِرَةُ بِبَيَانٍ تَنْظِيْرًا وَتَطْبِيْقَا. وَإِنَّ التَّرَاحُمَ يُمَثِّلُ نَظَرِيَّةً اجْتِمَاعِيَّةً تَعْكِسُ الجَانِبَ الإِنْسَانِيَّ فِيْ تَطْبِيْقِ الْخِطَابِ الدِّيْنِي. وَإِنَّ التَّرَاحُمَ النَّبَويَّ فِيْ مَسِيْرَةِ السِّيْرَةِ يِكْشِفُ عَنْ عَالَمِيَّةِ الشَّرْعِ الحَنِيْفِ، وَأَنَّهُ دِيْنٌ قَادِرٌ عَلَى اسْتَيْعَابِ الحَيَاةِ بِكُلِّ أَفْرَادِهَا وَأَبْعَادِهَا. وَإِنَّ الفُقَهَاَء الرَّبَانِيِّينَ سَارُوْا عَلَى هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَبْرَ الفَتَاوَى الفِقْهِيَّةِ الَّتِي جَسَّدَتْ حَيَويَّةَ التَّرَاحُمِ بَيْنَ المُسْلِمِين وَغَيْرِهِمْ. ثُمَّ إِنَّ العَالَمَ اليَوْمَ أَحْوَجُ مَايَكُوْنُ إِلَى اسْتِجْلَاءِ سِيْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَوْطِيْنِ المَعَانِي الإِنْسَانِيَّةِ، وَتَوْظِيْفِهَا بِاتَّجَاهِ الَحدِّ مِن التَّطَرُّفِ وَمَزَالِقِ الإِرْهَابِ الَّذِي بَاتَ عَدُوًّا لِلِإسْلاَمِ؛ يَحُوْلُ دُوْنَ نَشْرِ رَحْمَتِهِ وَسَمَاحَتِه.